انتصار لإسرائيل وآخر للشعوب والمرأة


بينمـا كنا نســتعـد للاحتفـال بالذكرى الثامنة والثلاثيـن لتحـقيـق «النصر العظيـم» في حرب أكتوبر 1973، فاجأتنا إســرائيـل بتحـقيـق انتصار آخرعلينا، لا عسـكريا ً، ولا سـياسـيـا ً، بل في الكيمياء، عندما أعلنت لجنـة جائزة نوبل فوز العالم الإسرائيلي «دانيال شيختمان»، أســتاذ علوم المواد بالمعهـد الاسـرائيلي للتكنولوجيـا في حيفـا، وقد حـقـق الاكـتـشــاف عام 1982،ولقي معـارضـة وســخرية من زملائـه، حتى إن فريق الأبحاث طلب منه الانسحاب، لكن الدراسـات أثبتت صحة اكـتشـافه. ومن الطريف أن لجنـة الجائزة التي قالت «إن هذا الاكـتـشاف أحدثثورة في مفهوم المادة الصلبة» قالت أيضا ً : «إن التركـيب الذري لأشـباه البـلورات يشـبه الفسـيـفسـاء العربيـة».

بهـذا يكون عـشرة إسـرائيـليين قد فازوا بجوائز نوبـل : عام 1966 «شـموئيل أجنون» في الأدب،عام 2002 وفي الاقتصاد «دانيال كوهيـن مان» عام 2002، و«روبرت أيومـان» عام 2005، في مجـال الكيميــاء «شـيخـتـمـان» عام 2011 و«افـرام هـيرشـوكـو» عام 2004 (مناصفـة) والعالمة «آدا يوناث» عام 2009 (مع عالمين أميركيين)، في مقـابـل فوز يتيم للعرب، هـو فـوز الراحـل نجيب محفــوظ بها عام 1988. أما تباهينا بفوز «أحمد زويل» بجائزة نوبل للكيميـاء عام 1999، فإنه فخر كاذب وانتصارلا يحق لنا أن ندعيــه، لأن أحـمـد زويـل مـواطـن أميركي منـذ عـام 1982، وهـو أســـتاذ في مـعـهــد كاليفـورنيـا لـلتكنولوجيا (جامعة كالتك)، وأسـتـاذ رئيسي للكيمياء منذ عام 1976، وقـد حقق اكـتشافه في تلك الجامعة وليس في أي جامعـة عربية.
لم يحـدث أن أثيـرت أي شــكوك حول فوز هذا العـالـم أو ذاك بجائزة نوبل في الاقـتـصـاد أو الفيزياء أو الكيمياء أو الطب، ربما لأن الدقة العلمية لا تسـمح بالمحاباة، وينصب النقد عادة على «نوبل للآداب» وتذكرون الضجة التي اسـتمرت طويلا ً حول فوز نجيب محفوظ بها، وأن فوزه كان لأنه أيد الســادات وكامب ديفيد (وهذا هراء لأن محفوظ كان يســتحق الجائزة أكثر مـن كثيريـن ممـن فازوا بها)، وتحيط الفضائح بنوبل للسـلام، آخرهذه الفضائح منحهـا للرئيس أوباما ليس لما حقق (ولم يحقـق شيئا ً) ولكن لما أطلقـه من وعود وخطط لم يحقـقها. وجاء فوز اليمنيـة «توكل كرمان» هذا العـام ليعيد إلى هذه الجائزة بعضا ً من مصداقيتهـا، وليثـبـت أن لجنـة نوبـل للســلام ليســت دائمـا ً مـنافـقـة ومـسـيســة. وفوز «توكل كرمـان» بالجائزة (بالاشتراك مع رئيسة ليبيريا «ألين جونسون سـيرليف» والناشـطة «ليما جيبوي» من ليبيريا أيضا ً) يذكرنا بفوز المعارضة البورمية «أون سان سو تشي» بها عام 1991 . وقـد فـاز بهـذه الجـائـزة اثنـان من العرب : أنور السـادات مع مناحيم بيغن 1979 وياسر عرفات مع شـيمون بيريز واسـحاق رابين 1994.
خـمـســة اسـرائيـليـين فازوا بالجوائز العـلميـة، والجامعات الإســرائـيـلـيـة تصنـف ضمـن الجامعات الخمسـمائة الأفـضل في العالـم، ومعـاهـد البحـث العـلـمـي الإسـرائيـليـة «موثوق بالنتائـج التي تعلنهـا»، وتصدر إســرائيـل التكنولوجيا المتقدمـة حتى إلى دول كبرى، وهي من الدول الرئيـســـيـة المصدرة للســلاح، ونحن صفـر في هذه المجالات، لكننا من الأوائل في الفســاد والتخـلف والبطالة والاهتمـام العجيب بمهرجانات الرقص والغنــاء.

Leave a Reply

Your email address will not be published.